بدأت قصتي مع البتكوين قبل أكثر من عام بقليل، أي في منتصف العام 2011، حين شاهدت مقابلة تلفزيونية مسجَلة على اليوتيوب مع قافن أندريسون ، المدير التقني لفريق تطوير بتكوين، وأمير تاكي مطوَر أساسي بالفريق، حاورهما دايفيد كالاكانيس صاحب عدد من الأعمال التجارية الالكترونية، المقدَم التلفزيوني المشهور والمعروف باهتمامه بالمشاريع التجارية المبتدئة خاصة على الانترنت.
حينها سأل المحاور أمير تاكي :”ماذا تتوقع أن يحصل للبتكوين ان قامت الولايات المتحدة بحظرها؟”، وهو أمر وارد نظرا لما تشكله البتكوين من تهديد للنظام المالي والاقتصادي القائم حاليا، المعتمد كلية على البنوك والذي تترأسه وتحميه الولايات المتحدة الأمريكية.فالبتكوين عملة غير مركزية لا تعتمد على الوسطاء كالبنوك مما يجعل السيطرة عليها من قبل الحكومات غير ممكنة، وقيمتها في السوق تعتمد على مبدأ العرض والطلب كالأسهم والمعادن الثمينة، وتأتي قيمتها أيضا من ندرتها، حيث أن هنالك عددا محدودا من البتكوين سيتم انتاجه خلال العقود القادمة بالتدريج وبمعدَل معروف متفق عليه في نظام وشبكة البتكوين، لا تتجاوزه مهما كانت الأسباب. وفي مرحلة من المراحل سيستقر العرض و يتغير الطلب مما يجعل البتكوين في أفضل الأحوال مناسبة للادخار كالمعادن الثمينة من الذهب والفضة.
رجوعا الى قصتنا الأساسية، حينما سأل المحاور أمير تاكي من فريق تطوير بتكوين عن توقعه لمستقبل العملة الرقمية ان تمّ حظرها في الولايات المتحدة الأمريكية، أجاب الرجل بثقة وحزم :” الولايا ت المتحدة ليست خريطة العالم، هناك أوروبا ، أفريقيا، آسيا وأستراليا، البتكوين ستتطور وتنتشر برضا الولايات المتحدة أو بعدمه.”
ضمن فعاليات مؤتمر البتكوين الأوروبي في براغ،عاصمة جمهورية التشيك في نهايات العام الماضي (11/2011)، قدّمت محاضرة شيّقة بعنوان:”البنوك: الضحية الرابعة لتمكين الشعوب”، استعرض المقدّم أهم الاكتشافات البشرية على مر القرون مبينا أن الانترنت الاكتشاف الأهم منذ ان عرفت الكتابة، بها تمكن الناس العاديون من الانتصار على مؤسسات ضخمة قامت بابتزازهم وسرقة أموالهم لعقود
أولى هذه المؤسسات (الضحايا) كانت خدمات البريد التقليدية، حيث استطاعت الانترنت عن طريق خدمة البريد الالكتروني المجانية من ابعاد مؤسسات البريد التقليدية عن الساحة، وكذا خدمات الأخبار عن طريق المدونات، كما صارت المؤسسات التي تعتمد على حقوق النشر والتوزيع في خطركبير بسبب تشارك الكتب والموسيقى والأفلام من غير رقيب والذي تيسره شبكات التواصل الاجتماعي . الضحية الرابعة للانترنت هي البنوك عن طريق عملة البتكوين، وقد توقع المحاضر أن تصل هذه العملة الى مرحلة النضج العام 2019 أي بعد عشر أعوام من بداية تدشينها في العام 2009 .
من أهم المواقع التي تقبل عملة البتكوين في التبرعات موقع الويكيليكس، أحيانا تضغط الحكومات ومن بينها حكومة الولايات المتحدة على الشركات الكبرى العاملة في مجال الدفع الالكتروني كفيزا كارد، ماستر كارد والبايبال ،تضغط لتجمد أرصدة هذا الموقع لديها نظرا لما يشكله الموقع من تهديد سياسي واقتصادي لها بسبب كشفه للوثائق السرية التي تجتهد لاخفائها، لكن في حالة أرصدة البتكوين، لا حيلة لهذه الحكومات ولا يد بسبب عدم وجودشركة أو مؤسسة مركزية لهذه العملة الرقمية.